كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



564- الحَدِيث الأربعون:
رُوِيَ أَن الْعَبَّاس عَم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أَخذ أَسِيرًا ببدر لم يَجدوا لَهُ قَمِيصًا وَكَانَ رجلا طوَالًا فَكَسَاهُ عبد الله قَمِيصه وَقَالَ لَهُ الْمُشْركُونَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة إِنَّا لَا نَأْذَن لمُحَمد وَلَكنَّا نَأْذَن لَك فَقَالَ لَا إِن لي فِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَة حَسَنَة فَشكر لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك وَالضَّمِير فِي لَهُ فِي عَائِد إِلَى ابْن أبي لَا للْعَبَّاس.
رَوَى الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي جَابر بن سليم عَن صَفْوَان بن عُثْمَان قَالَ كَانَت قُرَيْش يَوْم الْحُدَيْبِيَة أرْسلت إِلَى عبد الله بن أبي إِن أَحْبَبْت أَن تدخل فَتَطُوف بِالْبَيْتِ فافعل وَابْنه جَالس عِنْده فَقَالَ لَهُ ابْنه يَا أَبَة أذكرك الله أَن تَطوف بِالْبَيْتِ قبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى ابْن أبي وَقَالَ لَا أَطُوف حَتَّى يطوف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامه ذَلِك فسر بِهِ. انتهى.
قلت رَوَى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجِهَاد فِي بَاب كسْوَة الْأسَارَى من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابر بن عبد الله قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أَتَى بِأسَارَى وَأتي بِالْعَبَّاسِ وَلم يكن عَلَيْهِ ثوب فَنظر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا فوجدوا قَمِيص عبد الله بن أبي يقدر عَلَيْهِ فَكَسَاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاه فَلذَلِك نزع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصه الَّذِي ألبسهُ قَالَ ابْن عُيَيْنَة كَانَت لَهُ عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَد فَأحب أَن يُكَافِئهُ. انتهى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل وَزَاد قَالَ جَابر وَكَانَ الْعَبَّاس أسر يَوْم بدر فَحمل إِلَى الْمَدِينَة فَكَسَاهُ عبد الله بن أبي قَمِيصه فَلذَلِك كَفنه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَمِيصه مُكَافَأَة لما فعل بِالْعَبَّاسِ. انتهى.
565- الحَدِيث الْحَادِي وَالأربعون:
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن الْجفَاء وَالْقَسْوَة فِي الْفَدادِين».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْمَغَازِي فِي بَاب قدوم الْأَشْعَرِيين وَمُسلم فِي الْإِيمَان من حَدِيث قيس عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ أَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْو الْيَمين فَقَالَ: «أَلا إِن الْإِيمَان هاهنا وَإِن الْجفَاء وَغلظ الْقُلُوب فِي الْفَدادِين عِنْد أصُول أَذْنَاب الْإِبِل حَيْثُ يطلع قرنا الشَّيْطَان فِي ربيعَة وَمُضر».. انتهى. هَكَذَا قَالَ البُخَارِيّ وَإِن الْجفَاء وَعند مُسلم وَإِن الْقَسْوَة لم يقل وَإِن الْجفَاء.
566- الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ صل عَلَى آل أبي أَوْفَى».. انتهى.
قلت أخرجه الْجَمَاعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ فِي الزَّكَاة من حَدِيث عَمْرو بن مرّة عَن عبد الله بن أبي أَوْفَى قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: «اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِم» فَأَتَاهُ أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صل عَلَى آل أبي أَوْفَى».. انتهى. وَأَعَادَهُ فِي الْأَحْزَاب.
567- قَوْله عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ يرَى أَن قَوْله تعالى: {وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} بِغَيْر وَاو صفة للْأَنْصَار حَتَّى قَالَ لَهُ زيد إِنَّه بِالْوَاو فَقَالَ ائْتُونِي بِأبي فَقَالَ تَصْدِيق ذَلِك فِي أول الْجُمُعَة وَآخَرين مِنْهُم وَفِي أَوسط الْحَشْر وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ وَفِي آخر الْأَنْفَال وَالَّذين آمنُوا من بعد.
وَرُوِيَ أَنه سمع رجلا يقْرؤهَا بِالْوَاو فَقَالَ من أَقْرَأَك قَالَ أبي فَدَعَاهُ فَقَالَ أَقْرَأَنِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإنَّك لِتَبِيع الْقرظ بِالبَقِيعِ قَالَ عمر صدقت وَإِن شِئْت قلت شَهِدنَا وَغِبْتُمْ وَنَصَرنَا وَخَذَلْتُمْ وَآوَيْنَا وَطَرَدْتُمْ.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِنَقص يسير من طَرِيقين عَن أبي معشر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ مر عمر بن الْخطاب بِرَجُل يقرأ وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَأخذ عمر بِيَدِهِ وَقَالَ من أَقْرَأَك هَذَا قَالَ أبي بن كَعْب قَالَ لَا تُفَارِقنِي حَتَّى أذهب بك إِلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ عمر أَنْت أَقرَأت هَذَا هَذِه الْآيَة قَالَ نعم وَسمعتهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لقد كنت أرَى أَنا رفعنَا رفْعَة لَا يبلغهَا أحد بَعدنَا فَقَالَ أبي تَصْدِيق ذَلِك فِي أول سُورَة الْجُمُعَة: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} وَفِي سُورَة الْحَشْر: {واللذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} وَفِي الْأَنْفَال: {وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم} إِلَى آخر الْآيَة. انتهى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث حبيب بن الشَّهِيد عَن عَمْرو بن عَامر عَن عمر بن الْخطاب نَحوه وَفِيه فَقَالَ أبي لقد أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنت تبيع الْخبط فَقَالَ عمر فَنعم إِذا. انتهى.
568- الحَدِيث الثَّالِث وَالأربعون:
عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: «اخْرُج يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق اخْرُج يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق» فَأخْرج نَاسا وَفَضَحَهُمْ فَهَذَا الْعَذَاب الأول وَالْعَذَاب الثَّانِي عَذَاب الْقَبْر.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط حَدثنَا أَحْمد بن يَحْيَى الْحلْوانِي حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَمْرو الْعَنْقَزِي حَدثنَا أبي حَدثنَا أَسْبَاط بن نصر عَن السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلكُمْ من الْأَعْرَاب مُنَافِقُونَ وَمن أهل الْمَدِينَة مَرَدُوا عَلَى النِّفَاق لَا تعلمهمْ نَحن نعلمهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ ثمَّ يردون إِلَى عَذَاب عَظِيم} قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم جُمُعَة خَطِيبًا فَقَالَ: «قُم يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق» فَأخْرجهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَفَضَحَهُمْ وَلم يكن عمر بن الْخطاب شهد تِلْكَ الْجُمُعَة لحَاجَة كَانَت لَهُ فَلَقِيَهُمْ عمر فَاخْتَبَأَ مِنْهُم ثمَّ دخل عمر الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُ رجل يَا عمر أبشر فقد فَضَح الله الْمُنَافِقين الْيَوْم فَهَذَا الْعَذَاب الأول وَالْعَذَاب الثَّانِي عَذَاب الْقَبْر انْتَهَى وَقَالَ لم يروه عَن السّديّ إِلَّا أَسْبَاط. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَابْن مرْدَوَيْه حَدثنِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَمْرو الْعَنْقَزِي بِهِ سندا ومتنا إِلَّا أَنه قَالَ عوض قُم اخْرُج.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن السّديّ بِهِ وَسَنَده إِلَيْهِ أول كِتَابه.
569- الحَدِيث الرَّابِع وَالأربعون:
رُوِيَ أَن الَّذين اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ كَانُوا ثَلَاثَة أَبُو لبَابَة مَرْوَان بن عبد الْمُنْذر وَأَوْس بن ثَعْلَبَة ووديعة بن خدام وَقيل كَانُوا عشرَة مِنْهُم سَبْعَة أوثقُوا أنفسهم بَلغهُمْ مَا نزل فِي المتخلفين فَأَيْقنُوا بِالْهَلَاكِ فَأوثقُوا أنفسهم عَلَى سواري الْمَسْجِد فَقدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدخل الْمَسْجِد فَصَلى رَكْعَتَيْنِ وَكَانَت عَادَته كلما قدم من سفر فَرَآهُمْ مُوثقِينَ فَسَأَلَ عَنْهُم فَذكرُوا لَهُ أَنهم أَقْسمُوا أَنهم لَا يحلوا أنفسهم حَتَّى يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُحِلهُمْ فَقَالَ: «وَأَنا أقسم أَن لَا أحلّهُم حَتَّى أُؤمر فيهم» فَنزلت فَأَطْلَقَهُمْ وَقبل عذرهمْ فَقَالُوا يَا رَسُول الله هَذِه أَمْوَالنَا الَّتِي خلفتنا عَنْك فَتصدق بهَا وَطَهِّرْنَا فَقَالَ: «مَا أمرت أَن آخذ من أَمْوَالكُم شَيْئا» فَنزلت {خُذ من أَمْوَالهم}.
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ حَدثنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الْآيَة قَالَ كَانُوا عشرَة رَهْط تخلفوا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة تَبُوك فَلَمَّا حضر رُجُوع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوثق سَبْعَة مِنْهُم أنفسهم بِسوَارِي الْمَسْجِد وَكَانَ ممر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا رَجَعَ من الْمَسْجِد عَلَيْهِم فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: «من هَؤُلَاءِ الْمُوثقُونَ» قَالَ هَذَا أَبُو لبَابَة وَأَصْحَابه تخلفوا عَنْك يَا رَسُول الله حَتَّى تُطْلِقهُمْ وَتَعْذُرهُمْ قَالَ: «وَأَنا أقسم بِاللَّه لَا أطلقهُم وَلَا أَعْذرهُم حَتَّى يكون الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُطْلِقهُمْ ويعذرهم تخلفوا عني وَرَغبُوا عَن الْغَزْو مَعَ الْمُسلمين» فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الْآيَة فَأرْسل إِلَيْهِم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَقَهُمْ وَعذرهمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَقَالُوا يَا رَسُول الله هَذِه أَمْوَالنَا فَتصدق بهَا عَنَّا واستغفر لنا قَالَ: «مَا أمرت أَن آخذ أَمْوَالكُم» فَأنْزل الله: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ} الْآيَة فَأخذ مِنْهُم الصَّدَقَة واستغفر لَهُم وَكَانَ ثَلَاثَة نفر مِنْهُم لم يُوثقُوا أنفسهم بِالسَّوَارِي فأرجئوا لَا يَدْرُونَ يُعَذبُونَ أَو يُتَاب عَلَيْهِم فَأنْزل الله تَعَالَى: {لقد تَابَ الله عَلَى النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة}. انتهى.
وَرَوَاهُ بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنَا أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح بِهِ سندا ومتنا.
570- قَوْله عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الصَّدَقَة تقع فِي يَد الله:
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا عَلّي بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بن السَّائِب عَن عبد الله بن قَتَادَة الْمحَاربي عَن عبد الله ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الصَّدَقَة تقع فِي يَد الله تَعَالَى قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل ثمَّ قَرَأَ عبد الله: {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات}. انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ.
وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الزَّكَاة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مَا تصدق أحد بِصَدقَة من طيب وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب إِلَّا أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ ثمَّ يُرَبِّيهَا لصَاحِبهَا كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو فَصِيله حَتَّى يكون مثل الْجَبَل أَو أعظم. انتهى.
وَحَدِيث ابْن مَسْعُود فِي كتاب الْأَمْوَال يَعْنِي لِابْنِ زَنْجوَيْه حَدثنَا مُحَمَّد بْن يُوسُف حَدثنَا سُفْيَان بِهِ سندا ومتنا.
571- الحَدِيث الْخَامِس وَالأربعون:
رُوِيَ فِي الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا وهم كَعْب بن مَالك وهلال بن أُميَّة ومرارة بن الرّبيع أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر أَصْحَابه أَن لَا يكلموهم وَلَا يسلمُوا عَلَيْهِم وَلم يَفْعَلُوا كَمَا فعل أَبُو لبَابَة من شدّ أنفسهم عَلَى السَّوَارِي وَإِظْهَار الْجزع وَالْغَم فَلَمَّا علمُوا أَن أحدا لَا ينظر إِلَيْهِم فَوضُوا أَمرهم إِلَى الله وَأَخْلصُوا نياتهم وَنَصَحْت تَوْبَتهمْ فَرَحِمهمْ الله.
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي آخر الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الرَّقَائِق من حَدِيث كَعْب بن مَالك قَالَ لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطّ فِي غَزْوَة غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك غير أَنِّي قد تخلفت فِي غَزْوَة بدر وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنهُ... فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى الْمُسلمين عَن كَلَامهم الثَّلَاثَة وَلَبِثُوا عَلَى ذَلِك خمسين يَوْمًا ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِم وَفِيهِمْ نزلت {لقد تَابَ الله عَلَى النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} الْآيَات.
572- الحَدِيث السَّادِس وَالأربعون:
رُوِيَ أَن بني عَمْرو بن عَوْف لما بنوا مَسْجِد قبَاء بعثوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَأْتِيهم فَأَتَاهُم فَصَلى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ فِيهِ فحسدتهم إِخْوَتهم بَنو غنم بن عَوْف وَقَالُوا نَبْنِي مَسْجِدا وَنُرْسِل إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُصَلِّي فِيهِ وَيُصلي فِيهِ أَبُو عَامر الراهب إِذا قدم من الشَّام ليَكُون زِيَادَة عَلَى إِخْوَتهم وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَاسِق وَقَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد لَا أجد أحدا يقاتلونك إِلَّا قاتلتك مَعَهم فَلم يزل يقاتله إِلَى يَوْم حنين فَلَمَّا انْهَزَمت هوَازن خرج هَارِبا إِلَى الشَّام وَأرْسل إِلَى الْمُنَافِقين أَن اسْتَعدوا بِمَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَسلَاح فَإِنِّي ذَاهِب إِلَى قَيْصر وَآت بِجُنُود وَنخرج مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه من الْمَدِينَة فبنوا مَسْجِدا إِلَى جنب مَسْجِد قبَاء وَقَالُوا للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الْمَطِيرَة والشاتية وَنحن نحب أَن تصلي لنا فِيهِ وَتَدعُوا لنا بِالْبركَةِ فَقَالَ: «إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَإِذا قدمنَا إِن شَاءَ الله صلينَا فِيهِ» فَلَمَّا قفل من غَزْوَة تَبُوك سَأَلُوهُ إتْيَان الْمَسْجِد فَنزلت عَلَيْهِ {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} فَدَعَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن وَوَحْشِي قَاتل حَمْزَة فَقَالَ لَهُم: «انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمُوهُ واحرقوه» فَفَعَلُوا وَأمر أَن يتَّخذ مَكَانَهُ كناسَة تلقى فِيهَا الْجِيَف وَالْقُمَامَة وَمَات أَبُو عَامر بِالشَّام بِقِنِّسْرِينَ.
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ بعضه من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ وَيزِيد ابْن رُومَان وَعبد الله بن أبي بكر وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالُوا أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزل بِذِي أَوَان بلد بَينه وَبَين الْمَدِينَة سَاعَة من نَهَار وَكَانَ أَصْحَاب مَسْجِد الضرار قد أَتَوْهُ وَهُوَ يتجهز لغزوة تَبُوك فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا قد بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الْمَطِيرَة والشاتية وَإِنَّا نحب أَن تَأْتِينَا فَتُصَلِّي لنا فِيهِ فَقَالَ إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَلَو قدمنَا إِن شَاءَ الله لَأَتَيْتُكُمْ فصلينا لكم فِيهِ فَلَمَّا نزل بِذِي أَوَان أَتَاهُ خبر الْمَسْجِد فَدَعَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالك بن الدخشم أَخا بني سَالم بن عَوْف ومعن بن عدي فَقَالَ انْطَلقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمَاهُ وَحَرِّقَاهُ فَجعلَا يَشْتَدَّانِ حَتَّى دخلاه فهدماه وأحرقاه وَنزل فيهم وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا الْآيَة. انتهى.
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة عَن ابْن إِسْحَاق لم يتَجَاوَز بِهِ.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف بِتَمَامِهِ من غير سَنَد وَلَا راو.
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَعَزاهُ لِلْمُفَسِّرِينَ.
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ ذكر ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن ابْن أكيمَة اللَّيْثِيّ عَن ابْن أخي أبي رهم الْغِفَارِيّ أَنه سمع أَبَا رهم الْغِفَارِيّ وَكَانَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة قَالَ أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزل بِذِي أَوَان بَينه وَبَين الْمَدِينَة سَاعَة من نَهَار فَأَتَاهُ من مَسْجِد ضرار وَهُوَ يتجهز إِلَى تَبُوك فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الشَّاتِيَة وَإِنَّا نحب أَن تَأْتِينَا فَتُصَلِّي فِيهِ فَقَالَ: «إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَلَو قدمنَا إِن شَاءَ الله أَتَيْنَاكُم فصلينا لكم فِيهِ» فَلَمَّا نزل بِذِي أَوَان أَتَاهُ خبر الْمَسْجِد فَدَعَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالك بن الدخشم ومعن بن عدي فَقَالَ: «انْطَلقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمَاهُ واحرقاه» فَخَرَجَا مُسْرِعين حَتَّى أَتَيَا بني سَالم بن عَوْف وهم رَهْط مَالك بن الدخشم فَقَالَ مَالك لِمَعْنٍ أَنْظرنِي حَتَّى أخرج إِلَيْك فَدخل إِلَى أَهله وَأخذ سَعَفًا من النّخل فَأشْعلَ فِيهِ نَارا ثمَّ خرجا يَشْتَدَّانِ وَفِيه أَهله فَحَرقَاهُ وَهَدَمَاهُ وَنزل فيهم وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا الْآيَة.
حَدثنَا أَحْمد بن كَامِل حَدثنَا مُحَمَّد بن سعد الْعَوْفِيّ حَدثنَا أبي حَدثنَا عمي عَن أَبِيه عَن جده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما بنى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِد قبَاء خرج رجال من الْأَنْصَار مِنْهُم يخرج جد عبد الله بن حنيف ووديعة بن خدام وَمجمع بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ فبنوا مَسْجِد النِّفَاق فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليخرج وَيلك مَا أردْت إِلَى مَا أرَى» قَالَ يَا رَسُول الله وَالله مَا أردْت إِلَّا الْحُسْنَى وَهُوَ كَاذِب فَصدقهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَن يعذرهُ فَأنْزل الله: {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا وَتَفْرِيقًا بَين الْمُؤمنِينَ وَإِرْصَادًا لمن حَارب الله وَرَسُوله من قبل} يَعْنِي رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ أَبُو عَامر وَكَانَ قد انْطلق إِلَى هِرقل وَكَانُوا يَرْصُدُونَهُ إِذا قدم أَن يُصَلِّي فِيهِ وَكَانَ قد خرج من الْمَدِينَة مُحَاربًا لله وَلِرَسُولِهِ {وَلَيَحْلِفُنَّ إِن أردنَا إِلَّا الْحُسْنَى} الْآيَة.
ثمَّ أخرج من حَدِيث عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي ابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تعالى: {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} قَالَ هم أنَاس من الْأَنْصَار ابْتَنَوْا مَسْجِدا فَقَالَ لَهُم أَبُو عَامر ابْنُوا مَسْجِدكُمْ وَاسْتَمَدُّوا بِمَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن سلَاح فَإِنِّي ذَاهِب إِلَى قَيْصر ملك الرّوم فَآت بِجُنُود من الرّوم فَأخْرج مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَلَمَّا فرغوا من مَسْجِدهمْ أَتَوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَهُ قد فَرغْنَا من بِنَاء مَسْجِدنَا فَنحب أَن تصلي فِيهِ وَتَدْعُو فِيهِ بِالْبركَةِ فَأنْزل الله فِيهِ {لَا تقم فِيهِ أبدا} الْآيَة. انتهى.